-

تاريخ الحرب على الجنوب اليمني

تاريخ الحرب على الجنوب اليمني
(اخر تعديل 2025-04-28 03:52:29 )

تاريخ الحرب على الجنوب اليمني

في يوم 27 أبريل من عام 1994م، وقف الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح على منصة ميدان السبعين في العاصمة اليمنية صنعاء، ليطلق إعلانًا مُفزعًا بالحرب على الجنوب وشعبه. كانت هذه اللحظة بمثابة رصاصة غدر استهدفت قلب مشروع الوحدة اليمنية، الذي كان من المفترض أن يكون رمزًا للتلاحم والتنمية، ولكنها تحولت إلى احتلال وهيمنة تحت وطأة السلاح والتدمير.

لم تكن حرب صيف 1994م مجرد نزاع عابر، بل كانت جزءًا من مشروع متكامل لإقصاء الجنوب عبر تصفية الكوادر الجنوبية، وتدمير المؤسسات، وطمس الهوية. لقد أُريد للجنوب أن يمسح من الذاكرة، في ظل حالة من الفقر المدقع والإرهاب المنظم، وتحويله إلى منطقة مستباحة للنهب والفساد.

مشروع الوحدة وما تبعه من خديعة

عندما انضم الجنوب إلى الوحدة في 22 مايو 1990م، جاء محملاً برؤية حضارية ومدنية متقدمة، مدعومًا بمؤسسات قوية وجيش وطني. لكن نظام صنعاء تعامل مع تلك الوحدة كغنيمة حرب، وسرعان ما بدأت ملامح الخديعة تكشف عن نفسها عبر تهميش الوزراء الجنوبيين وإفراغ المؤسسات من كوادر الجنوب. في عامي 1992 و1993، قُتل أكثر من 150 ضابطًا وقياديًا جنوبيًا في ظروف غامضة.
بهار مترجم الحلقة 44

إعلان الحرب تحت ذريعة حماية الوحدة

في خطابه، أعلن علي عبدالله صالح الحرب على الجنوب بحجة "حماية الوحدة"، بينما كانت الأهداف الحقيقية هي الاستباحة العسكرية وتعزيز السيطرة عبر قصف المدن الجنوبية واستقدام القبائل للنهب تحت شعار "الانتصار للوحدة".

اجتياح العاصمة عدن

بدأت المعركة التي استمرت حتى 7 يوليو 1994م، عندما اجتاحت قوات صنعاء العاصمة عدن بعد مقاومة بطولية من أبناء الجنوب. ومع سقوط الجنوب، بدأت السلطة المركزية بتنفيذ مخطط شامل لإقصاء الجنوبيين، حيث تم تسريح أكثر من 90 ألف ضابط وجندي من الجيش الجنوبي، مما عرضهم لظروف معيشية صعبة.

نهب الممتلكات وخصخصة الأراضي

قام نظام الاحتلال اليمني بمصادرة أراضٍ وممتلكات الجنوبيين وخصخصة ممتلكاتهم لصالح نافذين في السلطة، في عملية نهب ممنهجة تحت غطاء "الإصلاحات الاقتصادية". وفقًا لتقرير اللجنة الوطنية للرقابة في الجنوب عام 2014م، تم نهب أكثر من 62 ألف قطعة أرض و45 منشأة اقتصادية كانت مملوكة للدولة الجنوبية.

جرائم الاغتيال والإخفاء القسري

بعد عام 1994م، أصبحت سياسة الاغتيال والإخفاء القسري منهجية. وقد استهدفت موجة الاغتيالات السياسية الكوادر الجنوبية والنخب، حيث تم اغتيال أكثر من 450 شخصية جنوبية بين عامي 1994 و2009.

كما تعرض العديد من الجنوبيين للاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، حيث لا يزال مصير عدد كبير منهم مجهولًا حتى اليوم. التحقت العاصمة عدن وباقي مدن الجنوب بساحات الرعب والصمت، حيث قُمعت كل الأصوات المطالبة بالحرية والعدالة.

تدمير المؤسسات الجنوبية

لم تقتصر الحرب على الاستيلاء العسكري، بل كانت هناك عملية ممنهجة لتدمير البنية التحتية الجنوبية. تم إغلاق العديد من المعسكرات وتسريح القوات القتالية، وتفكيك المؤسسات المدنية الكبرى مثل الموانئ وشركات الملاحة.

انهيار مؤسسات التعليم والصحة جعل المدارس والمستشفيات تعاني من إهمال متعمد، مما أثر سلبًا على مستقبل الأجيال القادمة. تحولت العاصمة عدن، التي كانت يومًا ما مركزًا ثقافيًا واقتصاديًا، إلى مدينة مهملة تعاني من الفقر والبطالة.

نتائج الحرب على الجنوب

أدت هذه الحرب إلى تدمير السيادة الجنوبية وتهميش الكفاءات، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة بشكل غير مسبوق. وعقب تلك الأحداث، بدأ الجنوبيون في التعبير عن مطالبهم من خلال الحراك الجنوبي السلمي في عام 2007، للمطالبة باستعادة الدولة الجنوبية.

اليوم، ورغم كل ما مر به الجنوب، يقف الجنوبيون أكثر وعيًا واتحادًا، في طريقهم نحو استعادة دولتهم، مستلهمين من تضحيات الشهداء وماضٍ مليء بالنضال.

انضموا لقناة الإخبارية على تيليجرام وتابعوا أهم الأخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا.