-

زكاة الفطر: حكم إخراجها مالًا أو طعامًا

زكاة الفطر: حكم إخراجها مالًا أو طعامًا
(اخر تعديل 2025-03-19 13:52:51 )

مع اقتراب عيد الفطر المبارك، يتجدد السؤال كل عام حول مشروعية إخراج زكاة الفطر مالًا بدلًا من الطعام. هذا التساؤل يثير جدلًا فقهيًا بين العلماء، حيث يختلف الرأي بشأن الأنسب والأكثر نفعًا للمحتاجين. فهل يجوز أن نخرج زكاة الفطر نقدًا؟ دعونا نستعرض الآراء المختلفة في هذا الشأن.
يا انا يا هي الحلقة 9

هل يجوز إخراج زكاة الفطر مالًا بدلًا من الطعام؟

هذا السؤال يُعتبر من النقاط الخلافية بين الفقهاء، حيث يتمسك البعض بالنصوص الثابتة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بينما يرى آخرون أن إخراج الزكاة نقدًا قد يكون أكثر فائدة للفقراء. فما هو الرأي الصحيح من الناحية الشرعية؟

حكم زكاة الفطر

تعتبر زكاة الفطر فريضة على كل مسلم قادر، وقد فرضها النبي صلى الله عليه وسلم كوسيلة لتطهير الصائم من أي نقص أو خطأ، وأيضًا كغذاء للمحتاجين. كما ورد في حديث ابن عباس، فإنها واجبة على المسلم عن نفسه وأسرته، ويجب إخراجها قبل صلاة العيد لضمان وصولها إلى المستحقين في الوقت المناسب.

يرى أهل الحديث والمذاهب المالكية والشافعية والحنبلية أن زكاة الفطر لا تصح إلا إذا أُخرجت طعامًا. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" (رواه البخاري ومسلم).

ويؤكد أصحاب هذا الرأي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حدد الطعام كصيغة واجبة، ولم يُعرف عنه أو عن الصحابة أنهم أخرجوا زكاة الفطر نقدًا، بل كانوا يلتزمون بإخراجها من الأطعمة المتوفرة في زمنهم.

على الجانب الآخر، فإن المذهب الحنفي وبعض الفقهاء المعاصرين يرون أن إخراج زكاة الفطر مالًا جائز، بل قد يكون أكثر نفعًا للفقراء، خاصة إذا كانوا بحاجة إلى المال لشراء أساسيات حياتهم. وقد استندوا إلى قول معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، الذي قال: "إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعًا من تمر"، مما يدل على جواز تقدير القيمة المالية للطعام.

كما استندوا إلى فعل عمر بن عبد العزيز الذي أذن للناس بإخراج زكاة الفطر نقدًا، وأيضًا إلى قاعدة تحقيق مصلحة الفقير، حيث قد يحتاج الفقير إلى المال أكثر من حاجته للحبوب أو التمر.

الرأي الراجح

ترجح أغلب دور الإفتاء في العالم الإسلامي، مثل دار الإفتاء المصرية وهيئة كبار العلماء في السعودية، ودائرة الإفتاء بالأزهر الشريف، أن الأصل في زكاة الفطر هو إخراجها طعامًا. ومع ذلك، يجوز إخراجها مالًا إذا اقتضت مصلحة الفقير ذلك، خاصة في المجتمعات التي تعتمد على النقد في معاملاتها اليومية.